Thursday, August 11, 2011

كلاكيت ثالث مرة

في 28 يناير 2011 رأيت القاهرة تحترق لثالث مره في حياتي حتي الان. كثير جداً ان تري وطنك يحترق ثلاث مرات خلال 40 عام.
اول مره كانت في احداث 18 و 19 يناير 1977 كانت مدرستي ملاصقة للجامعة الامريكية بالقاهرة بالقرب من ميدان التحرير و قد رأيت الناس بالالاف تحطم السيارات و يشعلون بها النار و رأيتهم يقلبون الترولي باص (وسيلة تنقل اختفت عبارة عن اتوبيس يعمل بالكهرباء بنفس طريقة الترام).
لم افهم ايامها لم يفعل الناس ذلك و اذكر انني قد سألت ابي رحمه الله "لم يحطم الناس الترولي و الترام؟ كيف يحطمون ما يركبون و كيف سيركبونه بعد ذلك" اذكر جيدا نظرة ابي لي و ربت علي رأسي و لم يرد. لم افهم معني النظرة التي رمقني بها و لم افهم كيف سولت لهم نفسهم ان يفعلوا ذلك.
عرفت فيما بعد (بزمن طويل بعد استشهاد السادات) ان سبب ذلك هو الغاء الدعم و تسألت لم يفعل السادات مثل هذه الخطوة و لم افهم لم يفعل السادات ذلك و لكني كنت احب السادات و احترمه جداً فتوقعت انه هناك ما لا افهمه.
بعد ذلك درست الاقتصاد في الجامعة و فهمت، فهمت ان شعب مصر يدمر وطنه لمجرد ظنه انه يفهم، بدون اي اساس من العلم و فهمت ان السادات كان يقصد الاسراع في النمو الاقتصادي بطريقة صادمة عنيفة و كانت هذه هي غلطته.
و بعد سنين من الحادثة الاولي و في25 فبراير سنة 1986 اشتعلت البلاد بيد جنود الامن المركزي بعد سريان إشاعة بزيادة مدة تجنيدهم. كنت ايامها في المدرسة و لم يحضر يومها كل زملائي الذين يسكنون في الهرم، و في سرعة انزلونا من الفصول و اوقفنا في حوش المدرسة و قاموا بالاتصال بأولياء و اذكر ما قاله احد الرهبان عندما شاهدعلامات القلق علي وجهي قال لي "من تربي في كنف الفرير لا يخاف فنحن نعلم ان من يحمينا هو الله و ما يطمئنا هو تماسكنا وصلابة إيماننا و إذا كان الخوف من نفس الانسان فالتماسك هو شيم الشجعان" و ركبت يومها مع احد زملائي الذي كان والده صديق لوالدي من ايام الدراسة و كان يسكن بجوارنا، و رأيت بعض ما حدث من خراب و لم افهم لم يفعل افراد الشعب ذلك فيوجهون تدميرهم لاخوانهم و لبلادهم  بدلا من طلبهم لتعديل اوضاعهم بطريقة لائقة او توجيه ضرباتهم لمن ظلمهم، ثم ادركت انهم من السذاجة انهم قد فعلوا ما فعلوه لمجرد سريان اشاعة و لم يصلهم اي دليل علي صحتها فلا وجود لمن ظلمهم و لكنه الانتقام الاعمي الجاهل و الانصات لأشاعة بدون ادني تفكير و لم انسي ما قاله لي فرير فرام ابداً و فهمت ان الخوف طبيعة انسانية و الشجاعة هي الثبات عند الخوف و مع اني اعترف اني احيانا ما افقد تماسكي و لكني ادرك ان هذه النصيحة من رجل اشترك في الحرب العالمية و ادرك معني الموت و الخوف نصيحة لابد ان تحافظ عليها و تعمل بها فهي الحد الفاصل بين الشجاعة و التهور.
بعد هذه الاحداث ادركت اننا شعب يتبع الإشاعات بلا تفكير و يظن انه يدرك الحقائق بلا اي دليل مادي و يرفض الدليل احيانا لمجرد الثبات علي رأيه و عدم الاعتراف بخطأه و لكن لا شيء جعلني استعد لما سيأتي لاحقا.
في 25 يناير 2011 قامت مظاهرات حاشدة مطالبة بالعيش و الحرية و العدالة الاجماعية و انتهت بسلام و لكن فجأه قامت يوم 28 يناير اعمال شغب كبيرة، هوجمت أقسام الشرطة و السجون في وقت واحد و تم إحراقها و إطلاق النار بكثافة عليها و تهريب جميع السجناء تم التعدي علي افراد الشرطة و انسحبت الشرطة في نفس اليوم و طالبت الحكومة من الشعب حماية منازلهم و حفظ الامن لحين انتشار قوات الجيش -في رأي هذا ما قلب موازين الاحداث- و فوت علي الاعداء فرصة التدخل الاجنبي.
تحول المتظاهرين فجأه بدون سابق انذار من مطالب بالعيش و الحرية و العدالة الاجماعية إلي "الشعب يريد اسقاط النظام" و هذا دليل علي جهل تام، فالنظام معناه النظام السياسي اي من ملكي إلي جمهوري او العكس و لكن هؤلاء المتظاهرين لم يدركو ما يطلبون إنهم كانو يطلبون إسقاط الدولة و كانوا يظنون ان المطلب هو إقالة الحكومة و عزل الرئيس.
و ظل سقف المطالب يزيد ولم يدرك المتظاهرين ان هناك من يلقنهم المطالب و يحرص علي الحفاظ علي الفوضي برفع سقف المطالب دائما و بث الإشاعات تارة اخري و للأسف اقتنع بهذا التلقين المتعلمين و مدعي الثقافة و لم يدركوا من يكون جورج سوروس و لا جيراد كوهين و لا من هم مجموعة الازمات و لا ادبر ولا كانفس ولا فريدم هاوس ولا علاقة حركة 6 ابريل بذلك رغم ان اعضاء 6 ابريل انفسهم ظهروا في الاعلام يعترفون بعلاقتهم بهؤلاء و ان تمويل التدريب علي قلب نظام الحكم جاء من الخارج.
الم يسأل الشرفاء انفسهم من هؤلاء ؟ و من الممول لهذه التدريبات؟ و من درب الرسامين علي الرسم علي الحوائط بهذه الحرفية؟ و من خطط لمهاجمة الاقسام و السجون في نفس الوقت وبهذه الشراسة المدربة؟ و من درب المدونيين من سنين لبث الكراهية و الرغبة في الانتقام في نفوس الشعب المصري المعروف عنه الطيبة و حب العفو ؟
الم يسأل الشرفاء انفسهم لماذا يمول هذا الكيان افراد للتحريض بثورة يدعون انها لنشر الديموقراطية؟ و ما هو وجه استفادتة من صرف هذه الملايين من الدولارات؟ -اكيد مش علشان سواد عيونا ولا حبا في الخير-
الم يسأل احد نفسة لماذا قتل حوالي 900 شخص من العامة و لم يقتل فرد واحد من اعضاء 6 ابريل مع انهم من الطبيعي ان يكونوا في مقدمة الصفوف؟ ام ان 6 ابريل قد حركوا المظاهرات عن بعد و لم يكونوا في المواجهات.
لماذا لم يهرب الرئيس؟ مع ان كل من قابلتهم من المتعصبين للاحداث يقسمون انه لص و يملك اموال لا تحصي و انه هربها جميعها للخارج. هل من الطبيعي إذا كنت رئيس دولة ان تهرب اموالك التي نهبتها من قوت الشعب ثم تمكث لتنتظر مصيرك من محاكمات و إهانات؟
هل من المنطقي ان تعطي امر بقتل المتظاهرين ثم تنسحب الشرطة و يسقط من شهداء الشرطة المئات و تهاجم الاقسام هل من الطبيعي اطلاق النار من قناصة مع أنك عندك امر بأطلاق النار و اطلاق النار مباشرة علي المتظاهرين من البنادق الالية سيرهبهم اكثر من اطلاق النارمن بعد لإصابة شخص واحد فقط و حتي بدون سماع صوت الطلقة التي هي اساس الاحساس بالخوف.
الم يفكر من يعتنقون فكر الثورة؟ الم يدركوا انه يتم شحنهم للوصول لاغراض يستفيد منها الاخرين.
لقنوهم انها ثورة مصر المجيد و لم يدركو انهم قامو بنسخ ما تعلموه في صربيا (البلد صاحبة المذابح المشهورة) و ما حدث هو نسخة لما حدث في الثورات الملونة حتي تنظيف الشوارع، و لم يبحثوا كيف هو حال هذه البلاد بعد ثوراتهم التي اصبحت منهارة إقتصاديا و اخلاقيا.
للأسف استخدم اعداءنا خصائص في شعب مصر مؤذية في حد ذاتها و قد و طوروها و جعلوها قنبلة تفجر في مصر لتدميرها و للأسف يرفض الشباب التفكير و يرددون ما يسمعون كالبغبغاوات اقسم اني سمعت من طفلة تبلغ 14 سنة كلمة "كفاية إننا عايشيين 30 سنة في ظلم و قهر" هي اصلا عرفت الرئيس مبارك امتي السنة الفاتت و لا القبلها، و القهر بالنسبة لها ايه ماجابتش مصاصة ولا هدوم العيد جت ضيقة عليها، و ظلم ايه و قهر ايه و هي مشتركة في نادي الصيد المصري و معاها بلاك بيري و في مدرسة خاصة لغات مشهورة و تسكن في المعادي علي النيل؟
قالوا هم يضحك وهم يبكي لكن ده هم يقطع القلب، حسبنا الله و نعم الوكيل هو المنتقم الجبار.

No comments: