Monday, August 22, 2011

مافيش فايدة

جلست اتكلم مع ثلاثة من الرجال المحترمين احدهم -65 عام- وكيل وزارة سابق في جهة سيادية درس القانون و كان رئيس للشئون القانونية و الاخر-60 عام- كان يشغل منصب رفيع في التربية و التعليم و هو علي المعاش اما الثالث فهو دكتور في جامعة مرموقة حاصل علي الدكتوراه في الهندسة الوراثية من جامعة في الولايات المتحدة بمنحة ايام الرئيس مبارك.
تحول الحديث كالعادة إلي موضوع الثورة و الاحداث الجارية في البلاد هذه الايام، و لاحظت ان مستوي الحوار غريب جدا، بالرغم اني اعرف الرجال منذ سنوات طويلة و اعرف إتجاهاتهم السياسية و لكني فوجئت باشخاص لا اعرفهم.
الثلاثة كانوا من عشاق السادات و كانوا يتكلمون علي جمال عبد الناصر و عصره بقرف شديد. اذكر منذ حوالي 10 سنوات كنت اجلس مع احدهم و كان يسرد لي وقائع ايام الرئيس جمال عبد الناصر و كيف دخلنا حروب دمرت الإقتصاد و كيف دُمر الاقتصاد القومي عندما أمم الشركات و كان السبب في هروب الإستثمار الأجنبي و كيف ايامها كنت تخاف ان تتكلم مع اقرب الناس لك و كيف كان البوليس السياسي يأخذ المتهمين في وسط الليل بلا سبب و لا تراهم مرة اخري، حتي ان صديقا له قبض عليه و لم يعرفوا له طريق جرة و ماتت امه كمداً عليه. كان يسرد في الحديث حتي انه قال كنا ندخل عند البقالة فلا نجد إلا ما قل من المواد الغذائية و كيف كان قمة السعادة عند عودة شخص من الخارج معه بعض الجبن الشيدر و كيف كان السفر بتصريح من السلطات و قد اخرج ظرف مره و قال لي انظر كيف كانت تفتح خطاباتنا، و فعلا الظرف كان مغلق في طرفه شريط مكتوب عليه بطباعة سوداء "فتح بمعرفة المختص" و كان خطاب مرسل له من استاذ له كان في بعثة علمية علي ما اذكر في الاتحاد السوفيتي.
اما اليوم فوجئت انهم يتكلمون عن الفساد الذي حدث في عصر مبارك و كيف كان يسجن من يتكلم عن مبارك، مع ان جرائد المعارضة لم تكن تسكت عن نقد الحكومة و مبارك و في ذات مره إبراهيم عيسي الصحفي المعروف اشاع ان الرئيس قد توفي و دخل السجن لنشرة اخبار كاذبة تقلب الرأي العام و اُفرج عنه بقرار رئاسي من الرئيس مبارك حينئذ.
فوجئت ان رجل القانون القدير الذي اتكلم معه قد نسي ما الفرق بين جريمة إهدار المال العام و جريمة السرقة، و كيف يتكلم عن سرعة المحاكمة و نسي نظام التقاضي و مواعيد الطعن و قانون المرافعات، ببساطه احسست اني اجلس شخص لم يدرس القانون في حياته.
الدكتور القدير نسا ان الحكومة هي من دفعت له ثمن الدكتوراه و الحياه في امريكا لمدة 5 سنوات كنت قد زرتة هناك مرة ووجتة يسكن في شقة جميلة مع ابنتة و زوجتة علي حساب الدولة طبعاً.
عجبت كيف غيرت الثورة المبادئ و كيف ان ناس شاهدوا بأعينهم ما احدثتة ثورة 1952 نسوا ما تعلموه و اعجبو بثورة الماريونات 2011، هؤلاء الناس لم يتعلمو من تاريخ قرأوه و لكن من تاريخ شاهدوه بأم اعينهم و انساقوا خلف الحرب الإعلامية المضلِلة، و عرفت شئ واحد بعد انتهاء الجلسة، عرفت ان مافيش فايدة.


1 comment:

Anonymous said...

www.nilefish.com هو رائع. هناك في كثير من الأحيان كل المعلومات المناسبة على اقتراحات أصابعي. أشكركم والحفاظ على تفوق في العمل!